كنتُ أَشعُرُ حينذاكَ أنني فوقَ السحابِ، لا أرى أحداً ولا أَسمَعُ سِوى صوتِ الهدوء، بينما كان ضوءُ الشمسِ يخترقُ السحابَ لِيُلامِسَ وجهي. كنتُ أَشعُرُ أنني أخيرًا في سلامٍ للأبد.
أشعرُ أنَّ الألمَ يجتاحني، ينتشرُ ويثبتُ بداخلي لينمو، ينهشُ ما تبقَّى لي منِّي، يلتهمُ كلَّ شيءٍ بداخلي، وبالكاد أستطيع أن أشعرَ بنفسي.
ليس هناك متسعٌ من الوقت، سأحتسي هذا الكوب، ومن ثم سأظل أعاني. لن ينتهي الألم، وسأتقبل ذلك رغمًا عن أنفي. وُلدتُ دون أجنحة؛ لن أستطيع الذهاب بعيدًا، وهذا كل ما في الأمر.
والآنَ أقتربُ من الحافة، وإنها لدقائقُ معدودةٌ. أشعرُ بذلك في أغلبِ الأحيان، أندفعُ للأمامِ لأسقطَ ولا أدري لِمَ ذلك الشعورُ يطاردني. لا أدري إن كان تيارُ الهواءِ أم أنَّ عقلي لا يتحمَّلُ المزيد.
كانت أحلامي، ورغم بساطتها كقطرات الماء، كلما اصطدمت بشيءٍ تلاشت كأنها لم تكن.
وفي نهاية المطاف، إنها دائماً العائلة، شئت أم أبيت، استطعت التأقلم أم لم تستطع، ستبقى دائماً العائلة وراء ما كان يمكن إنقاذه وتُرك لتلتهمه الحياة.
أعلم يا صديقي، إنها فترات وتنقضي، وستعم البهجة مجدداً. أحاول بقدر الإمكان، ولكن كانت سنين طويلة من الألم، حتى أنني أخبرك بما تريده الآن، ليس بما أشعر.
حتى البكاء بالكاد يخرج. أشعر وكأن العالم كله يتساقط فوقي، قطعةً تلو الأخرى، بمنتهى الهدوء والألم.
دائمًا كنتُ أشعرُ أنني لا آخذُ المشاعرَ كاملةً؛ كنتُ كمن ينتظرُ الصاعقةَ دوماً، كلما رأى وردةً زاهيةً.
أتَحَسَّسُ وجهي وجسدي بينَ الحينِ والآخرِ أشعرُ أنَّهُ هناك شيءٌ تحتَ ذلكَ الجلد، وإنَّ تلك الروح لم تُخلَقْ لهذا الهراء، وإنَّ ذلك الماء سأستطيعُ يومًا إمساكه دونَ أن ينزلقَ من يدي.